منذ أن تم الإعلان عن فتح معبري سبتة ومليلية بعد اغلاقهما من طرف المغرب للضغط على اسبانيا لتبني مقترح المغرب بخصوص الحكم الذاتي للمناطق الصحراوية تحت السيادة المغربية والتي أسفرت عن العديد من الإتفاقيات بين المغرب وإسبانيا كان منها فتح حدود جمركية بكل من سبتة ومليلية والتي كانت إسبانيا من خلالها تعلق آمالا كثيرة ، أبدت من خلالها اهتماما كبيرا بهذه القضية لإعتبارين إثنين :
اولا تحريك اقتصاد الثغرين بعد النكسة التي أصابت التسيج الاقتصادي لكل من سبتة ومليلية جراء قرار المغرب بمحاربة ما يسمى بالتهريب المعيشي الذي كان يمارس عبر معبري طارخال وباريو شينو . هذا القرار الذي كانت له عواقب وخيمة على النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة الشمالية ككل .
من جهة أخرى ساهم تفشي فيروس كورونا في زيادة تأزيم الوضع الاجتماعي والاقتصادي في كل من سبتة و مليلية مع قرار المغرب إغلاق كل المعابر في محاولة منه لوقف زحف هذا الفيروس الذي عزل العالم ككل وساهم في إدخال اقتصادات العديد من الدول إلى غرفة الإنعاش.
لهذه الأسباب وبضغط من الحكومتين المستقلتين لسبتة و مليلية ، على حكومة سانشيز من أجعل فتح الحدود الجمركية بين سبتة و مليلية مع المغرب بأن تكون ضمن أولويات الحوار الأخير بين وزير خارجية المغرب السيد بوريطة ونظيره الاسباني السيد الباريس .
المغرب ولحدود الساعة لم يبدي اي اهتمام بهذه النقطة (الجمارك التجارية ) عكس نظيرتها إسبانيا ؛ التي حركت الإعلام الاسباني لمواكبة المحاولات الصغيرة لنقل بعض البضائع في اتجاه المغرب انطلاقا من معبري سبتة و مليلية . حيث وضعت عناوين كبيرة على صفحات وسائل اعلامها ، على اعتبار أن فتح هذه الحدود تعتبر انجازا كبيرا لاسبانيا ؛ منها إعتراف المغرب بحدود جمركية بينهما في هذه النقطة بالذات ، مما يعني ضمنيا أن المغرب يعترف باسبانية المدينتين (سبتة و مليلية) . وهذا كان العامل الأول الذي لعبت عليه اسبانيا وعلقت عليه امالا كبيرة من أجل فتح هاذين المعبرين ؛ إضافة إلى العامل الثاني والمتعلق بإنعاش إقصاد المدينتين السليبتين الذي وصل أوجه إبان جائحة كورونا .
من جهتها ؛ المغرب ولحد الساعة لا تعير موضوع فتح مكاتب للجمارك التجارة بكل من معبر باب سبتة وباب مليلية اي اهتمام ؛ حيث لم تبدي من خلالها للموضوع أية أهمية لا على المستوى الإعلامي والتي لم يتم التطرق في وسائل الإعلام المغربية لأهمية هذا الموضوع أو حتى تعداد مناقب ومنافع ما سيجنيه المغرب لأرباح من خلال هذه الاتفاقية الثنائية بين اسبانيا والمغرب بخصوص هذا الموضوع ، رغم تضرر البنية الاقتصادية والاجتماعية لمناطق عدة منها مناطق تطوان والمضيق الفنيدق من جهة ومنطقة الناظور من جهة أخرى والتي عرفت سابقا مجموعة من احتجاجات سكانها على الوضعية المتأزمة لسكانها بعد إغلاق معبري سبتة ومليلية في وجه مواطنين المنطقة .
العديد من متتبعي هذا الشأن وخصوصا تجار المنطقة لا يعلقون اهتماما كبيرا على هاته المكاتب الجمركية او حتى إغراءهم للمغامرة بالتجارة عبر هاذين المعبرين ، ولا تشكل بالنسبة إليهم حافزا للربح و الاغتناء كما كان سابقا أيام التهريب لأسباب عدة :
منها أن التهريب لا زال يمارس على حد تعبيرهم انطلاقا من بعض الموانئ المغربية بصفة كبيرة ، وثانيا هناك تعليمات صارمة من طرف أجهزة المغرب كالأمن والجمارك بتشديد الخناق و المراقبة على السلع الواردة من إسبانيا والتي ستتجه إلى المغرب انطلاقا من هاذين المعبرين ، حيث تتم المراقبة الصارمة لسكان مليلية وسبتة ولسياراتهم من طرف الجمارك المغربية والذين يتجهون إلى المغرب دخولا وخروجا لمراقبة اي انشطة مشبوهة (التهريب مثلا ..) في حين يتم التساهل مع المواطنين في نقط عبور أخرى مما جعل العديد من سكان الثغرين يقدمون احتجاجاتهم لدى السلطات المركزية والجهوية المغربية كما فعلت جمعية سكان سبتة سابقا والتي وجهت نداءا احتجاجيا لوزارة الداخلية المغربية من أجل تخفيف إجراءات عبور ساكنة سبتة إلى كل من تطوان والفنيدق .
لهذه الأسباب السالفة يعتقد العديد من المتتبعين لهذا الموضوع ان المغرب باع العجل لاسبانيا بخصوص فتح جمارك تجارية بكل من معبري سبتة ومليلية وأن التنشيط التجاري في هذه المنطقة محفوف بالفشل مما يخيف التجار من المغامرة بتجارتهم من خلال هاذين المعبرين .