الاقتصاد الإسباني يصمد أمام العواصف

بعد ثلاث أزمات كبرى في 15 عاما فقط، والتي أثرت بشدة على الطبقات الوسطى الإسبانية، لم يبدأ عام 2022 بأفضل طريقة ممكنة، مع حرب على بعد 3000 كيلومترا من مدريد، وعودة التضخم والارتفاع الحاد في تكاليف الطاقة والمواد الأولية. ومع ذلك، تمكنت إسبانيا من الصمود في وجه كل العواصف، وبصمت على أداء اقتصادي جيد.

وأنهى الاقتصاد الإسباني العام مع إحداث 280 ألف فرصة عمل ونمو بنسبة 5.5 بالمائة. وقبل ستة أشهر فقط، تحدث رئيس الحزب الشعبي، ألبرتو نونيز فيجو، متزعم المعارضة، عن “ما قبل الإفلاس” ليصف مستقبلا مضطربا. هذا الخطاب الكارثي اختفى عن المشهد.

ويبدو أن الواقع أقرب إلى النصف المملوء من الكأس: تفاوضت إسبانيا على الصدمات المتتالية، لاسيما صدمة الطاقة، بشكل أفضل مما كان متوقعا، وكان سوق الشغل بمثابة الاستقرار التلقائي.

ومن دون شك، كان النصف الثاني من العام 2022 قاتما، لكن تم تفادي الركود وسط كل المشهد الضبابي الذي خلفته نهاية موجة صدمة الجائحة، وارتفاع أسعار الفائدة، وسلاسل التوريد، وارتفاع أسعار المواد الأولية.

فمن وسط هذا الضباب الكثيف برزت سنة عادية، بل جيدة. نما الاقتصاد الإسباني بنسبة 5.5 بالمائة خلال العام 2022، كما في 2021، بعد أن سجل زيادة ربع سنوية بنسبة 0.2 بالمائة في الربع الأخير من العام، وهي النسبة المئوية ذاتها كما في الربع السابق، وفقا للمعهد الوطني للإحصاء.

وبفضل الإجراءات المختلفة التي اتخذتها الحكومة الائتلافية بقيادة بيدرو سانشيز، سجلت إسبانيا بذلك نموها السنوي الثاني على التوالي خلال 2022 بعد الزيادة البالغة 5.5 بالمائة المسجلة في العام 2021، والتي مثلت العودة إلى معدلات إيجابية بعد الانخفاض التاريخي بنسبة 11.3 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي بسبب وباء كورونا.

وسط المقال

وتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي المسجل في العام 2022 توقعات النمو الحكومية لذلك العام بمقدار 1.1 نقطة (4.4 بالمائة)، وهو أعلى من توقعات بعض المنظمات مثل صندوق النقد الدولي (5.2 بالمائة)، ومؤسسة صناديق التوفير “فونكاس” (5 بالمائة)، والبنك المركزي الإسباني (4.6 بالمائة).

وتم تحقيق النمو بنسبة 5.5 بالمائة في 2022 “في سياق دولي مطبوع بعدم اليقين الكبير”، بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعكس “القوة الكبيرة” للاقتصاد الإسباني وقدرته على الصمود، حسب حكومة بيدرو سانشيز.

بالإضافة إلى ذلك، تتوقع المفوضية الأوروبية نموا نسبته 1.4 بالمائة لإسبانيا خلال سنة 2023. وهذا يزيد بمقدار أربعة أعشار نقطة مئوية عن آخر التوقعات الماكرو-اقتصادية لهذا العام.

وقالت المفوضية في تقريرها “من المتوقع أن يتعافى النشاط الاقتصادي تدريجيا في النصف الأول من العام 2023 ويكتسب مزيدا من الزخم في النصف الثاني”. وأضافت أنه “مع اعتدال التضخم، فإن ارتفاع الاستهلاك الخاص واستمرار عودة القطاع السياحي إلى نشاطه العادي يجب أن يدعم النشاط على مدار العام.

بالإضافة إلى ذلك، تضيف المفوضية، يتعين أن يؤدي تنفيذ خطة الإنعاش إلى تحفيز نمو الاستثمار، لاسيما في مجال البناء والتجهيز. في العام 2024، من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 2 بالمائة.

وعلى الرغم من الأداء المتباين للوهلة الأولى، تمكنت إسبانيا من التعافي لمواجهة عام انتخابي حاسم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.