يسعى منتخب الأرجنتين، بقيادة نجمه الأسطوري ليونيل ميسي، إلى تحقيق إنجاز تاريخي يتمثل في أن يصبح أول منتخب من قارة أمريكا الجنوبية يفوز بـ”التاج الثلاثي” لثلاثة ألقاب كبرى تواليا، إذا تمكن من التغلب على كولومبيا التي تقف حجر عثرة في نهائي كوبا أمريكا الأحد في ميامي.
وبفضل ميسي خارق، أتبع منتخب “ألبيسيليتسي” لقبه في المسابقة القارية عام 2021 بتكريس عالمي في مونديال قطر بعد عام، وقد تقدم في النسخة الحالية من كوبا أمريكا من دون الكثير من المعاناة، حيث سيواجه مواطنه نستور لورنسو الذي يشرف على تدريب المنتخب الكولومبي.
وفي مفارقة، وحده المنتخب الإسباني الذي وصل بدوره إلى نهائي كأس أوروبا المقامة في ألمانيا حيث سيواجه قبل نهائي كوبا أمريكا المنتخب الإنجليزي، فاز بثلاثة ألقاب كبرى تواليا، حيث توج بكاس أوروبا 2008 وأتبعها بمونديال جنوب إفريقيا 2010، ليعود ويكرر فوزه بالبطولة القارية بعد عامين.
و سيسمح الفوز، في حال نجح رجال المدرب ليونيل سكالوني في السير على خطى “لا روخا” ورفع كأس لقب كوبا أمريكا، بفض الشراكة مع الأوروغواي كأكثر المنتخبات فوزا باللقب القاري (15 لكل منهما).
من ناحيتها، أبهرت كولومبيا خلال مشوارها على الملاعب الأمريكية وتأمل في تحقيق مفاجأة مدوية على ملعب هارد روك، موطن فريق ميامي دولفنز الذي يلعب في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، عبر حرمان ميسي ورفاقه من التتويج.
ويخوض المنتخب الكولومبي المباراة النهائية متسلحا بعدم تعرضه للهزيمة في سلسلة من 28 مباراة تواليا؛ وهو رقم قياسي لمنتخب “كافيتيروس” الذي سلك الطريق الأصعب للوصول إلى النهائي، محطما الرقم السابق بين 1992 و1994 خلال حقبة كارلوس فالديراما وفريدي رينكون.
وفي حين كررت الأرجنتين فوزها على كندا 2-0 في نيوجيرزي في نصف النهائي (فازت بالنتيجة ذاتها في المباراة الافتتاحية لدور المجموعات)، كان على كولومبيا أن تتغلب على الأوروغواي 1-0 الأربعاء في شارلوت، على الرغم من أنها لعبت بعشرة لاعبين في الشوط الثاني بأكمله اثر طرد دانيال مونيوس قبل الاستراحة.
نهائي مثالي
من نواحٍ عديدة، تعتبر مواجهة الأحد النهائي المثالي، حيث إن قلة من متابعي كرة القدم قد يجادلون بشأن بلوغ أفضل منتخبين في البطولة التي ضمت 16 منتخبا هذا العام، المباراة النهائية والتنافس على اللقب، في حين سيحصلان على مؤازرة جماهيرية من الجاليتين الأرجنتينية والكولومبية في ميامي.
تشير التوقعات إلى أن الأرجنتين، التي تحتل صدارة التصنيف العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والتي تتمتع بمنتخب متماسك منذ سنوات عديدة، هي المرشحة الأوفر حظا للفوز. رغم ذلك، لا يتوقع كثيرون مباراة من طرف واحد.
قال إيفان زامورانو، مهاجم تشيلي وإنتر الإيطالي وريال مدريد الإسباني السابق والذي يعمل كناقد تلفزيوني لصالح إحدى القنوات في البطولة: “سكالوني يعرفهم جميعا عن ظهر قلب. تتمتع الأرجنتين اليوم بصلابة سبق أن تم تأكيدها ولديها ميزة إضافية تتمثل في امتلاك أفضل لاعب في العالم، ولهذا السبب فهي المرشحة الأبرز”.
يخالف النجم الكولومبي فالديراما، لاعب خط الوسط السابق، رأي زامورانو، إذ يعتقد أن المفاجأة قد تكون في الأفق.
قال لوكالة فرانس برس: “أرى كولومبيا تفوز الأحد. لدينا فريق عظيم نحلم به”.
وتابع: “أنا متفائل بشأن المنتخب الوطني، بسبب الطريق الذي سلكها والنتائج التي حققها، وكذلك بسبب الطريقة التي يلعبون بها”.
وأضاف: “المنتخب لم يخسر، ويلعب بشكل جيد في كوبا أمريكا، مع وجود خاميس (رودريغيس) كأفضل لاعب في البطولة. لذلك، يمكننا أن نحلم بأن نصبح أبطالا؛ لأننا نملك منتخبا رائعا”.
ولم يرقَ رودريغيس، الذي لفت انتباه عالم الكرة المستديرة بأدائه في مونديال البرازيل 2014، إلى مستوى التوقعات على مستوى الأندية؛ لكنه يقدم بعضا من أفضل ما لديه وهو في سن الرابعة والثلاثين بالقميص الأصفر لمنتخب بلاده.
توجت كولومبيا بلقبها الوحيد في كوبا أمريكا في عام 2001.
في المقابل، سيقام النهائي الأحد على وقع الوداع الأخير للجناح المتألق أنخل دي ماريا ابن الـ36 عاما والذي كان قاد أعلن في وقت سابق أنه سيعتزل دوليا بعد نهاية البطولة.
قال دي ماريا، الذي سجل هدف الفوز على البرازيل المضيفة في نهائي عام 2021، هذا الأسبوع: “لست مستعدا لمباراتي الأخيرة مع المنتخب الوطني؛ ولكن حان الوقت”.
وأضاف جناح بنفيكا البرتغالي: “يمكن أن تحدث آلاف الأشياء؛ لكن أعتقد أنه مهما حدث يمكنني أن أخرج بشكل جيد. لقد فعلت كل شيء حتى أتمكن من المغادرة من هذا الباب”.
وفي حين أن المدافع نيكولاس أوتاميندي قد يرحل أيضا، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه البطولة ستكون الأخيرة لميسي، الذي سيبلغ 39 عاما خلال كأس العالم 2026.
“أعيشها مثل كل شيء آخر في الآونة الأخيرة: أستمتع بها كثيرا وأدرك، مثل فيديو (دي ماريا) وأوتا (أوتاميندي)، أن هذه هي المعارك الأخيرة”، قال الفائز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم 8 مرات عقب فوز الأرجنتين على كندا في نصف النهائي.
من ناحيته، يأمل اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) أن تسود الروح الرياضية داخل المستطيل الأخضر، بخلاف ما حدث في شارلوت حيث وقعت اشتباكات عنيفة في نهاية المباراة بين جماهير المنتخبين الكولومبي والأوروغوياني؛ ما أدى إلى تدخل لاعبي الأخير والصعود إلى المدرجات للالتحام مع الجماهير.
أفاد كونميبول في بيان الخميس: “نريد التأكيد والتحذير من أنه لن يتم التسامح مع أي إجراء يشوه هذا الاحتفال الكروي العالمي”.
وشوهت المشاهد، التي تم تناقلها حول العالم، صورة البطولة القارية التي كان ينظر إليها على أنها اختبار للملاعب التي ستستضيف مباريات كأس العالم 2026 الذي سيقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وستقام في ميامي سبع مباريات في مونديال 2026؛ بما في ذلك مباراة في ربع النهائي ومباراة تحديد المركز الثالث، بخلاف شارلوت التي ليست بين قائمة المدن التي ستستضيف مباريات النهائيات.