تشهد مدينة مرتيل منذ أيام حالة من الغليان السياسي والإداري، بعد تفجر قضية تزوير وثائق رسمية داخل الجماعة الترابية، وهي الفضيحة التي أفضت إلى عزل رئيس المجلس مراد أمنيول، وفتحت الباب أمام سلسلة من التحقيقات التي يُتوقع أن تمتد إلى مسؤولين وموظفين آخرين.
القضية، التي تفجّرت بشكل مفاجئ، لم تكن مجرد خطأ إداري أو سوء تدبير، بل وُصفت من طرف متابعين بأنها “زلزال سياسي غير مسبوق في تاريخ مرتيل”، لما كشفت عنه من تلاعبات محتملة في وثائق رسمية استُعملت في اتخاذ قرارات تسييرية مهمة داخل الجماعة.
- بداية الخيوط: وثائق مشبوهة وملاحظات قضائية
تعود بداية القصة، حسب مصادر مطلعة، إلى ملاحظات سجّلها قسم الشؤون الداخلية بعمالة المضيق – الفنيدق حول وثائق رسمية تتعلق بصفقات ومداولات جماعية. هذه الوثائق، التي قُدمت في سياقات مختلفة، أثارت الشكوك بسبب اختلاف توقيعات وتواريخ غير منطقية، ما دفع السلطات إلى إحالة الملف على مفتشية وزارة الداخلية.
وبعد أسابيع من الفحص والتدقيق، كشفت التحقيقات عن قرائن قوية على وجود تزوير، الأمر الذي أدى إلى رفع تقرير مفصل إلى السلطات الإقليمية، لتبدأ فصول الأزمة التي انتهت بعزل أمنيول من رئاسة المجلس الجماعي بقرار رسمي، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية الجارية.
- توازنات مختلة وصراعات قديمة
داخل أروقة الجماعة، لم يكن المناخ السياسي مستقرًا في الأشهر الأخيرة. فحسب معطيات ميدانية، شهد المجلس توترات متكررة بين الأغلبية والمعارضة بسبب تدبير ملفات التعمير والصفقات العمومية.
ويرى متتبعون أن قضية التزوير كشفت هشاشة التحالفات داخل المجلس، حيث سارع عدد من الأعضاء إلى التبرؤ من الرئيس المعزول، فيما دعا آخرون إلى فتح تحقيق شامل في كل الصفقات التي أُبرمت في ولايته.

يقول أحد المستشارين المحليين – رفض الكشف عن هويته – إن “الزلزال الذي ضرب المجلس كان متوقعًا، لأن التسيير في الشهور الأخيرة كان يسير في اتجاه فقدان الثقة بين الأطراف، وجاءت قضية التزوير لتفجر الوضع بالكامل”.
- تداعيات قانونية وإدارية
من الناحية القانونية، يُنتظر أن تُحال القضية على النيابة العامة المختصة، خاصة بعد تأكيد مصادر مطلعة أن الملف يتضمن وثائق رسمية مشكوكًا في صحتها، وهو ما قد يترتب عنه متابعات جنائية في حالة ثبوت نية التزوير أو استعماله.
كما شرعت وزارة الداخلية في إجراءات ترتيبية لتسيير شؤون الجماعة مؤقتًا، ريثما يتم انتخاب رئيس جديد، في حين تترقب ساكنة مرتيل ما ستؤول إليه الأوضاع خلال الأسابيع المقبلة.
- الشارع المرتيلي: بين الغضب والانتظار
في الشارع، عبّر عدد من سكان مرتيل عن استيائهم من تكرار الفضائح التدبيرية داخل المجلس الجماعي، معتبرين أن ما حدث “يمثل خيانة للثقة التي منحها الناخبون لممثليهم”.
بينما يأمل آخرون أن تكون هذه الواقعة بداية لعهد جديد من الشفافية والمحاسبة، خصوصًا في ظل الدعوات المتكررة لتعزيز الرقابة على الجماعات المحلية.
قضية تزوير وثائق جماعة مرتيل ليست مجرد حادث إداري عابر، بل إنذار قوي يضع منظومة التسيير المحلي تحت المجهر.
فما بين اتهامات بالتلاعب، وصراعات سياسية داخلية، وتحقيقات قضائية مفتوحة، تجد المدينة نفسها أمام اختبار صعب لاستعادة ثقة مواطنيها، وإعادة ترتيب البيت الداخلي للجماعة.
